< رسالة رومية 9

Listen to this chapter • 3 min
[1] الحقَّ أَقولُ في المسيح ولا أَكذِب، وضَميري شاهِدٌ لي في الرُّوحِ القُدُس،
[2] إِنَّ في قَلْبي لَغَمًّا شَديدًا وأَلَمًا مُلازِمًا.
[3] لقَد وَدِدتُ لو كُنتُ أَنا نَفْسي مَلعونًا ومُنفَصِلاً عنِ المسيح في سَبيلِ إِخوَتي بَني قَومي بِاللَّحمِ والدَّم،
[4] أُؤلٰئِكَ الَّذينَ هم بَنو إِسرائيل ولَهُمُ التَّبَنِّي والمَجْدُ والعُهود والتَّشريعُ والعِبادَةُ والمَواعِدُ
[5] والآباء، ومِنهمُ المسيحُ مِن حَيثُ إِنَّه بَشَر، وهو فَوقَ كُلِّ شَيءٍ إِلٰهٌ مُبارَكٌ أَبَدَ الدُّهور. آمين.
[6] وما سَقَطَ كَلامُ الله! فلَيسَ جَميعُ الَّذينَ هم مِن إِسرائيل بِإِسرائيل،
[7] ولا هم جَميعًا أَبناءُ إِبراهيم وإِن كانوا مِن نَسْلِه، بل «بِإِسْحٰق يَكونُ لكَ نَسلٌ يُدعى بِٱسمِكَ».
[8] وهٰذا يَعْني أَنَّ أَبناءَ الجَسَدِ لَيسوا أَبناءَ الله، بل أَبْناءُ الوَعْدِ همُ الَّذينَ يُحسَبونَ نَسلَه،
[9] فهٰذا ما جاءَ في كَلامِ الوَعْد: «سَأَعودُ في مِثْلِ هٰذا الوَقْت، ويَكونُ لِسارَةَ ٱبْنٌ»،
[10] لا بل هُناكَ أَمرٌ آخَر، وهو أَنَّ رِفْقَةَ حَبِلَت مِن رَجُلٍ واحِد هو أَبونا إِسْحٰق،
[11] فقَبلَ أَن يُولَدَ الصَّبِيَّان ويَعمَلا خَيرًا أَو شَرًّا، لِيَبْقى تَدبيرُ اللهِ القائمُ على حُرِّيَّةِ الاِختيار،
[12] وهو أَمْرٌ لا يَعودُ إِلى الأَعمال، بل إِلى الَّذي يَدْعو، قيلَ لَها: «إِنَّ الكَبيرَ يَخدُمُ الصَّغير»،
[13] فقَد وَرَدَ في الكِتاب: «إِنِّي أَحبَبتُ يَعْقوبَ وأَبغَضتُ عِيسو».
[14] فماذا نَقول؟ أَيَكونُ عِندَ اللهِ ظُلْم؟ حاشَ لَه!
[15] فقَد قالَ لِموسى: «أَرحَمُ مَن أَرحَم وأَرأَفُ بِمَن أَرأَف».
[16] فلَيسَ الأَمرُ إِذًا أَمرَ إِرادَةٍ أَو سَعيٍ، بل هو أَمرُ رَحمَةِ الله.
[17] فقَد قالَ الكِتابُ لِفِرعَون: «ما أَقَمتُكَ إِلاَّ لأُظهِرَ فيكَ قُدرَتي ويُنادى بِٱسْمي في الأَرضِ كُلِّها».
[18] فهو إِذًا يَرحَمُ مَن يَشاء ويُقَسِّي قَلْبَ مَن يَشاء.
[19] ولا شَكَّ أَنَّكَ تَقولُ لي: «فماذا يَشْكو بَعدَ ذٰلك؟ مَن تُراهُ يُقاوِمُ مَشيئَتَه؟»
[20] مَن أَنتَ أَيُّها الإِنسانُ حتَّى تَعتَرِضَ على الله؟ أَيَقولُ الصُّنْعُ لِلصَّانِع: لِمَ صَنَعتَني هٰكذا؟
[21] أَلَيسَ الخَزَّافُ سَيِّدَ طينِه، فيَصنَعُ مِن جَبْلَةٍ واحِدَةٍ إِناءً شَريفَ الاِستِعمال وإِناءً آخَرَ خَسيسَ الاِستِعمال؟
[22] فإِذا شاءَ اللهُ أَن يُظهِرَ غَضَبَه ويُخبِرَ عَنْ قُدرَتِه فٱحتَملَ بِصَبْرٍ عَظيمٍ آنِيَةَ الغَضَب، وهي وَشيكةُ الهَلاك،
[23] ومُرادُه أَن يُخبِرَ عن سَعَةِ مَجْدِه في آنِيَةِ الرَّحمَةِ الَّتي سَبَقَ أَن أَعَدَّها لِلمَجْد، أَي فينا نَحنُ
[24] الَّذينَ دَعاهم، لا مِن بَينِ اليَهودِ وَحْدَهم، بل مِن بَينِ الوَثَنِيِّينَ أَيضًا...
[25] فقَد قالَ في سِفْرِ هُوشَع: «مَن لم يَكُنْ شَعْبي سأَدْعوهُ شَعْبي، ومَن لم تَكُنْ مَحبوبَتي سَأَدْعوها مَحبوبَتي،
[26] وحَيثُ قيلَ لَهم: لَستُم بِشَعْبي، سيُدعَونَ أَبناءَ اللهِ الحَيّ».
[27] ويَهتِفُ أَشَعْيا كذٰلِك في كَلامِه على إِسرائيل: «وإِن كانَ بَنو إِسرائيلَ عَدَدَ رَمْلِ البَحْر، فالبَقِيَّةُ وَحْدَها تَنالُ الخَلاص،
[28] فإِنَّ الرَّبَّ سَيُتِمُّ كَلِمَتَه في الأَرضِ إِتمامًا كامِلاً سَريعًا».
[29] وبِذٰلِكَ أَيضًا أَنبَأَ أَشَعْيا فقال: «لو لم يَحفَظْ رَبُّ القُوَّاتِ لَنا نَسلاً، لَصِرْنا أَمثالَ سَدومَ وأَشباهَ عَمورَة».
[30] فماذا نَقول؟ نَقولُ إِنَّ الوَثَنِيِّينَ الَّذينَ لم يَسعَوا إِلى البِرِّ قد نالوا البِرَّ الَّذي يَأتِي مِنَ الإِيمان،
[31] في حينِ أَنَّ إِسرائيلَ الَّذي كانَ يَسْعى إِلى شَريعةِ بِرٍّ لم يُدرِكْ هٰذه الشَّريعة.
[32] ولِماذا لأَنَّه لم يَنتَظِر البِرَّ مِنَ الإِيمان، بل ظَنَّ إِدْراكَه بِالأَعمال، فصَدَمَ حَجَرَ صَدْم،
[33] فقَد وَرَدَ في الكِتاب: «هاءَنَذا واضِعٌ في صِهْيُونَ حَجَرًا لِلصَّدمِ وصَخْرَةً لِلعِثار، فمَن آمَنَ بِه لا يُخْزى».