< إنجيل مرقس 7

Listen to this chapter • 4 min
[1] وٱجتَمَعَ لَدَيه الفِرِّيسِيُّونَ وبَعضُ الكَتَبَةِ الآتينَ مِن أُورَشَليم،
[2] فرَأَوا بَعضَ تَلاميذِه يَتَناوَلونَ الطَّعامَ بِأَيدٍ نَجِسَة، أَيْ غَيرِ مَغْسولة
[3] (لأَنَّ الفِرِّيسِيِّينَ واليهودَ عامَّةً لا يَأكُلونَ إِلاَّ بَعدَ أَن يَغسِلوا أَيدِيَهُم حتَّى المِرفَق، تَمَسُّكًا بِسُنَّةِ الشُّيوخ.
[4] وإِذا رجَعوا مِنَ السُّوق، لا يَأكُلونَ إِلاَّ بَعدَ أَن يَغتَسِلوا بِإِتْقان. وهُناكَ أَشياءُ أُخرى كَثيرةٌ مِنَ السُّنَّةِ يَتمسَّكونَ بِها، كَغَسْلِ الكُؤُوسِ والجِرارِ وآنِيَةِ النُّحاس).
[5] فسأَلَه الفِرِّيسيُّونَ والكَتَبة: «لِمَ لا يَجري تلاميذُكَ على سُنَّةِ الشُّيوخ، بل يَتَناولونَ الطَّعامَ بِأَيدٍ نَجِسَة؟»
[6] فقالَ لَهم: «أَيُّها المُراؤون، أحسَنَ أَشَعْيا في نُبوءتِه عَنكم، كما وَرَدَ في الكِتاب: «هٰذا الشَّعبُ يُكرِمُني بِشَفَتَيه، وأَمَّا قَلبُه فبَعيدٌ مِنِّي.
[7] إِنَّهم بالباطلِ يَعبُدونَني فلَيسَ ما يُعَلِّمونَ مِنَ المذاهِب سِوى أَحكامٍ بَشَرِيَّة».
[8] إِنَّكم تُهمِلونَ وصِيَّةَ الله وتَتمَسَّكونَ بِسُنَّةِ البَشَر».
[9] وقالَ لَهم: «إِنَّكُم تُحسِنونَ نَقْضَ وَصِيَّةِ الله لِتُقيموا سُنَّتَكم!
[10] فقد قالَ موسى: «أَكرِمْ أَباكَ وأُمَّكَ»، و«مَن لَعَنَ أَباه أَو أُمَّه، فلْيَمُتْ مَوتًا».
[11] وأَمَّا أَنتُم فتَقولون: إِذا قالَ أَحَدٌ لأَبيه أَو أُمِّه: كُلُّ شَيءٍ قد أُساعِدُكَ به جَعَلتُه قُربانًا،
[12] فإِنَّكم لا تَدَعونَه يُساعِدُ أَباه أَو أُمَّه أَيَّ مُساعَدة
[13] فتَنقُضونَ كَلامَ الله بِسُنَّتِكمُ الَّتي تَتَناقلونَها. وهُناكَ أَشياءُ كثيرةٌ مِثلُ ذٰلكَ تَفعَلون».
[14] ودعا الجَمعَ ثانِيَةً وقالَ لَهم: «أَصغوا إِلَيَّ كُلُّكُم وٱفهَموا:
[15] ما مِن شَيءٍ خارِجٍ عنِ الإِنسان إِذا دخَلَ الإِنسانَ يُنَجِّسُه. ولٰكِن ما يَخرُجُ مِنَ الإِنسان هو الّذي يُنَجِّسُ الإِنسان
[16] مَن كان له لَهُ أُذُنان سامِعَتانِ فَلْيَسْمَع».
[17] ولَمَّا دَخَلَ البَيتَ مُبتَعِدًا عنِ الجَمْع، سأَلَه تَلاميذُه عَنِ المَثَل،
[18] فقالَ لَهم: «أَهٰكَذا أَنتُم أَيضًا لا فَهمَ لكم؟ أَلَا تُدرِكونَ أَنَّ ما يَدخُلُ الإِنسانَ مِنَ الخارِج لا يُنَجِّسُه،
[19] لأَنَّهُ لا يَدخُلُ إِلى القَلْب، بل إِلى الجَوْف، ثُمَّ يَذهَبُ في الخَلاء». وفي قَولِه ذٰلك جَعَلَ الأَطعِمَةَ كُلَّها طاهِرة.
[20] وقال: «ما يَخرُجُ مِنَ الإِنسان هو الَّذي يُنَجِّسُ الإِنسان،
[21] لأَنَّهُ مِن باطِنِ النَّاس، مِن قُلوبِهم، تَنبَعِثُ المَقاصِدُ السَّيِّئَةُ والفُحشُ وَالسَّرِقَةُ والقَتْلُ
[22] والزِّنى والطَّمَعُ والخُبثُ والمَكْرُ والفُجورُ والحَسَدُ والشَّتْمُ والكِبرِياءُ والغَباوة.
[23] جَميعُ هٰذِه المُنكَراتِ تَخرُجُ مِن باطِنِ الإِنسانِ فتُنَجِّسُه».
[24] ومضى مِن هُناكَ، وذَهَبَ إِلى نواحي صور، فدَخَلَ بَيتًا، وكانَ لا يُريدُ أَن يَعلَمَ بِه أَحَد، فلَم يَستَطِعْ أَن يُخفِيَ أَمرَه.
[25] فقد سَمِعَت به وَقتَئِذٍ ٱمرَأَةٌ لَها ابنَةٌ صَغيرَةٌ فيها روحٌ نَجِسٌ فجاءَت وٱرتَمَت على قَدَمَيْه.
[26] وكانتِ المَرْأَةُ وَثَنِيَّةً مِن أَصْلٍ سورِيٍّ فينيقيّ. فسَأَلَته أَن يَطرُدَ الشَّيطانَ عنِ ٱبنَتِها.
[27] فقالَ لَها: «دَعي البَنينَ أَوَّلاً يَشبَعون، فلا يَحْسُنُ أَن يُؤخَذَ خُبزُ البَنين، فيُلقى إِلى صِغارِ الكِلاب».
[28] فأَجابَت: «نَعَم، يا ربّ، ولٰكِنَّ صِغارَ الكِلابِ تَأكُلُ تَحتَ المائِدة مِن فُتاتِ الأَطفال».
[29] فقالَ لَها: «مِن أَجلِ قولِكِ هٰذا، اذْهَبي، فقَد خَرَجَ الشَّيطانُ مِنِ ٱبنَتِكِ».
[30] فرجَعَت إِلى بَيتِها، فوَجدتِ ٱبنتَها مُلقاةً على السَّرير وقَد خَرَجَ مِنها الشَّيطان.
[31] وٱنصَرَفَ مِن أَراضي صور ومرَّ بِصَيدا قاصِدًا إِلى بَحْرِ الجَليل، ومُجتازًا أَراضِيَ المُدُنِ العَشْر.
[32] فجاؤوه بِأَصَمَّ مَعقودِ اللِّسان، وسأَلوه أَن يَضَعَ يَدَيه عليه.
[33] فٱنفَرَدَ بِه عنِ الجَمْع، وجعَلَ إِصبَعَيه في أُذُنَيه، ثُمَّ تَفَلَ ولَمَسَ لِسانَه.
[34] ورَفَعَ عَينَيْهِ نَحوَ السَّماءِ وتَنَهَّدَ وقالَ له: «إِفَّتِحْ!» أَيْ: إِنْفَتِحْ.
[35] فٱنفَتَحَ مِسمَعاه وٱنحَلَّتْ عُقدَةُ لِسانِه، فَتَكَلَّمَ بِلِسانٍ طَليق.
[36] وأَوصاهم أَلاَّ يُخبِروا أَحَدًا. فكانَ كُلَّما أَكثَرَ مِن تَوصِيَتِهم، أَكثَروا مِن إِذاعَةِ خَبَرِه.
[37] وكانوا يَقولونَ وَهُم في غايةِ الإِعْجاب: «قَد أَبدَعَ في أَعمالِه كُلِّها، إِذ جَعَلَ الصُّمَّ يَسمَعون والخُرْسَ يَتَكَلَّمون!».