< إنجيل مرقس 4

Listen to this chapter • 4 min
[1] وعادَ إِلى التَّعليمِ بِجانِبِ البَحْر، فٱزدَحَمَ علَيه جَمعٌ كثيرٌ جِدًّا، حتَّى إِنَّه رَكِبَ سَفينَةً في البَحرِ وجَلَسَ فيها، والجَمعُ كُلُّه قائِمٌ في البَرِّ على ساحِلِ البَحْر.
[2] فعَلَّمَهم بِالأَمثالِ أَشْياءَ كثيرة. وقالَ لَهم في تَعليمِه:
[3] «إِسمَعوا! هُوَذا الزَّارعُ خَرَجَ لِيَزرَع.
[4] وبَينما هو يَزرَع، وَقَعَ بَعضُ الحَبِّ على جانِبِ الطَّريق، فجاءَتِ الطُّيورُ فأَكَلَتْه.
[5] ووَقَعَ بَعضُه الآخَرُ على أَرضٍ حَجِرَةٍ لم يَكُنْ فيها تُرابٌ كثير، فنَبَتَ مِن وَقتِه لأَنَّ تُرابَه لم يَكُنْ عَميقًا.
[6] فلَمَّا أَشرَقَتِ الشَّمسُ ٱحتَرَقَ، ولم يَكُنْ لَه أَصْلٌ فيَبِس.
[7] ووَقَعَ بَعضُه الآخَرُ في الشَّوك، فارتَفَعَ الشَّوكُ وخَنَقَهُ فلَم يُثمِرْ.
[8] ووَقَعَتِ الحَبَّاتُ الأُخْرى على الأَرضِ الطَّيِّبَة، فٱرتَفَعَت ونَمَت وأَثمَرَت، بَعضُها ثلاثين، وبَعضُها سِتِّين، وبَعضُها مائة».
[9] وقال: «مَن كانَ له أُذُنانِ تَسْمعان فَلْيَسْمَعْ!».
[10] فلَمَّا ٱعتَزَلَ الجَمْع، سأَلَه الَّذينَ حَولَه معَ الاِثْنَي عَشَرَ عنِ الأَمثال.
[11] فقالَ لَهم: «أَنتُم أُعطيتُم سِرَّ مَلكوتِ الله. وأَمَّا سائرُ النَّاس فكُلُّ شَيءٍ يُلقى إِلَيهِم بِالأَمثال
[12] فيَنظُرونَ نَظَرًا ولا يُبصِرون ويَسمَعونَ سَماعًا ولا يَفهَمون لِئَلاَّ يَرجِعوا فَيُغفَرَ لَهم».
[13] وقالَ لَهم: «أَما تَفهَمونَ هٰذا المَثَل؟ فكَيفَ تَفهَمونَ سائرَ الأَمثال؟
[14] فمَن كانوا بِجانِبِ الطَّريق حَيثُ زُرِعَتِ الكَلِمة، فهُمُ الَّذينَ يَسمَعونَها فيأتي الشَّيطانُ لِوَقتِه ويَذهَبُ بِالكَلِمَةِ المَزروعَةِ فيهِم.
[15] وهٰؤُلاءِ همُ الَّذينَ زُرِعوا في الأَرضِ الحَجِرَة، فإِذا سَمِعوا الكَلِمَةَ قَبِلوها مِن وَقتِهم فَرِحين،
[16] ولٰكِن لا أَصلَ لَهم في أَنفُسِهم، فلا يثبُتونَ على حالة. فإِذا حَدَثَت بَعدَ ذٰلك شِدَّةٌ أَوِ ٱضطِهادٌ مِن أَجْلِ الكَلِمة، عَثَروا لِوَقتِهم.
[17] وبَعضُهمُ الآخَرُ زُرِعوا في الشَّوك، فهٰؤُلاءِ هُمُ الَّذينَ يَسمَعونَ الكَلِمة،
[18] ولٰكِنَّ هُمومَ الحَياةِ الدُّنْيا وفِتنَةَ الغِنى وسائرَ الشَّهَواتِ تُداخِلُهم فَتَخنُقُ الكَلِمة، فلا تُخرِجُ ثَمَرًا.
[19] وهٰؤُلاءِ همُ الَّذينَ زُرِعوا في الأَرضِ الطَّيِّبَة، فهُمُ الَّذينَ يَسمَعونَ الكَلِمَةَ ويَتَقَبَّلونَها فيُثمِرونَ الواحِدُ ثَلاثينَ ضِعفًا والآخَرُ سِتِّين وغَيرُه مائةَ».
[20] وقالَ لَهم: «أَيأتي السِّراجُ لِيُوضَعَ تَحتَ المِكيالِ أَو تَحتَ السَّرير؟ أَلا يأتي لِيُوضَعَ على المَنارة؟
[21] فما مِن خَفِيٍّ إِلاَّ سَيُظهَر، ولا مِن مَكتومٍ إِلاَّ سَيُعلَن.
[22] مَن كانَ له أُذُنانِ تَسْمَعان فَلْيَسْمَعْ!».
[23] وقالَ لَهم: «إِنتَبِهوا لِما تَسمَعون! فبِما تَكيلونَ يُكالُ لَكم وتُزادون.
[24] لأَنَّ مَن كانَ لهُ شَيء، يُعطَى. ومَن لَيسَ له شَيء، يُنتَزَعُ مِنهُ حتَّى الَّذي له».
[25] وقال: «مَثَلُ مَلَكوتِ اللهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ يُلْقي البَذْرَ في الأَرض.
[26] فسَواءٌ نامَ أو قامَ لَيلَ نَهار، فالبَذْرُ يَنبُتُ ويَنمي، وهو لا يَدري كيفَ يَكونُ ذٰلك.
[27] فَالأَرضُ مِن نَفسِها تُخرِجُ العُشبَ أَوَّلاً، ثُمَّ السُّنبُل، ثُمَّ القَمحَ الَّذي يَملأُ السُّنبُل.
[28] فما إِن يُدرِكُ الثَّمَرُ حتَّى يُعمَلَ فيه المِنجَل، لأَنَّ الحَصادَ قد حان».
[29] وقال: «بِماذا نُشَبِّهُ مَلَكوتَ الله، أَو بِأَيِّ مَثَلٍ نُمَثِّلُه؟
[30] إِنَّه مِثلُ حَبَّةِ خَردَل: فهِيَ، حينَ تُزرَعُ في الأَرض، أَصغَرُ سائرِ البُزورِ الَّتي في الأَرض.
[31] فإِذا زُرِعَت، اِرتَفَعَت وصارَت أَكبَرَ البُقولِ كُلِّها، وأَرسَلَت أَغْصانًا كَبيرة، حتَّى إِنَّ طُيورَ السَّماءِ تَستَطيعُ أَن تُعَشِّشَ في ظِلِّها».
[32] وكانَ يُكَلِّمُهُم بِأَمْثالٍ كَثيرةٍ كهٰذِه، لِيُلْقِيَ إِلَيهم كلِمةَ الله، على قَدرِ ما كانوا يَستَطيعونَ أَن يَسمَعوها.
[33] ولَم يُكَلِّمْهُم مِن دُونِ مَثَل، فَإِذا ٱنفَرَدَ بِتَلاميذِه فَسَّرَ لَهم كُلَّ شَيء.
[34] يسوع يسكّن العاصفة
[35] وقالَ لَهم في ذٰلكَ اليومِ نفسِه عندَ المساء: «لِنَعبُرْ إِلى الشَّاطِئِ المُقابِل».
[36] فتَركوا الجَمعَ وساروا به وهُو في السَّفينة، وكانَ معَهُ سُفُنٌ أُخرى.
[37] فعَصَفَتْ رِيحٌ شَديدة وأَخَذَتِ الأَمواجُ تَندَفِعُ على السَّفينة حتَّى كادَت تَمتَلِئ.
[38] وكانَ هُو في مُؤَخَّرِها نائمًا على الوِسادَة، فأَيقَظوه وقالوا له: «يا مُعَلِّم، أَما تُبالي أَنَّنا نَهلِك؟»
[39] فٱستَيقَظَ وزَجَرَ الرِّيحَ وقالَ لِلبَحْر: «أُسكُتْ! إِخرَسْ!» فسكَنتِ الرِّيحُ وحدَثَ هُدوءٌ تامّ.
[40] ثُمَّ قالَ لَهم: «ما لَكم خائفينَ هٰذا الخَوف؟ أَإِلى الآنَ لا إِيمانَ لَكم؟»
[41] فخافوا خَوفًا شَديدًا وقالَ بَعضُهُم لِبَعْض: «مَن تُرى هٰذا حتَّى تُطيعَه الرِّيحُ والبحر؟».