< إنجيل مرقس 12

Listen to this chapter • 5 min
[1] وأَخَذَ يُكَلِّمُهُم بِالأَمثالِ قال: «غَرَسَ رجُلٌ كَرْمًا فَسيَّجَه، وحَفَرَ فيه مَعْصَرَةً وبَنى بُرجًا، وآجَرَه بَعضَ الكَرَّامين ثُمَّ سافَر.
[2] فلَمَّا حانَ وقتُ الثَّمَر، أَرسلَ خادِمًا إِلى الكَرَّامين، لِيأخُذَ مِنهُم نَصيبَهُ مِن ثَمَرِ الكَرْم.
[3] فأَمسَكوهُ وضَرَبوه، وأَرجَعوه فارِغَ اليَدَين.
[4] فأَرسَلَ إِلَيهِم خادِمًا آخَر، وهٰذا أَيضًا شَجُّوا رأسَه وأَهانوه.
[5] فأَرسَلَ آخَر، وهٰذا أَيضًا قتَلوه. ثُمَّ أَرسَلَ كثيرينَ غَيرَهم، فضَربوا بَعضَهم وقَتَلوا بَعضَهم.
[6] فبَقِيَ عِندَهُ واحِدٌ وهو ٱبنُه الحَبيب. فأَرسَلَه إِلَيهم آخِرَ الأَمرِ وقال: «سَيَهابونَ ٱبني».
[7] فقالَ أُولٰئِكَ الكَرَّامونَ بَعضُهم لِبَعْض: «هُوَذا الوارِث، هَلُمَّ نَقتُلْه، فيَكونَ الميراثُ لَنا».
[8] فأَمسَكوهُ وقتَلوه وأَلقَوْه في خارِجِ الكَرْم.
[9] فماذا يَفعَلُ رَبُّ الكَرْم! يَأتي ويُهلِكُ الكَرَّامين، ويُعطي الكَرْمَ لِآخَرين.
[10] أَوَما قَرأتُم هٰذِه الآية: «الحَجَرُ الَّذي رَذلَه البَنَّاؤون هو الَّذي صارَ رأسَ الزَّاوِيَة.
[11] مِن عِندِ الرَّبِّ كانَ ذٰلك وهو عجَبٌ في أَعيُنِنا»
[12] فحاوَلوا أَن يُمسِكوه، ولٰكِنَّهم خافوا الجَمْع، وكانوا قد أَدرَكوا أَنَّه يُعَرِّضُ بِهم في هٰذا المَثَل، فتَركوه وٱنصَرَفوا.
[13] وأَرسَلوا إِلَيهِ أُناسًا مِنَ الفِرِّيسيِّين والهِيرودُسيِّين لِيَصطادوه بِكَلِمَة.
[14] فأَتَوه وقالوا له: «يا مُعَلِّم، نَحنُ نَعلَمُ أَنَّكَ صادِقٌ لا تُبالي بِأَحد، لأَنَّكَ لا تُراعي مَقامَ النَّاس، بل تُعَلِّمُ سبيلَ اللهِ بِالحَقّ. أَيَحِلُّ دَفْعُ الجِزيَةِ إِلى قَيصَرَ أَم لا؟ أَنَدْفَعُها أَم لا نَدفَعُها؟»
[15] ففَطِنَ لِرِيائِهم فقالَ لَهم: «لِماذا تُحاوِلونَ إِحراجي؟ هاتوا دينارًا لأَراه».
[16] فَأَتَوه بِه. فقالَ لَهم: «لِمَن الصُّورَةُ هٰذه والكِتابَة؟» قالوا: «لِقَيْصَر».
[17] فقالَ لَهم: «أَدُّوا لِقَيصَرَ ما لِقَيصَر، وللهِ ما للهٍ». فعَجِبوا لَه أَشدَّ العَجَب.
[18] وأَتاه بَعضُ الصَّدُّوقِيِّين، وهُمُ الَّذينَ يَقولونَ بِأَنَّه لا قِيامَة، فسأَلوه:
[19] «يا مُعَلِّم، إِنَّ موسى كَتَبَ علَينا: «إِذا ماتَ لاِمرِئٍ أَخٌ فتَركَ ٱمرَأَتَه ولَم يُخَلِّفْ وَلَدًا، فَلْيَأْخُذْ أَخوهُ المَرأَةَ ويُقِمْ نَسْلاً لأَخيه».
[20] كانَ هُناكَ سَبعَةُ إِخوَة. فأَخَذَ الأَوَّلُ ٱمرَأَةً ثُمَّ ماتَ ولَم يُخَلِّفْ نَسْلاً.
[21] فَأَخَذَها الثَّاني ثُمَّ ماتَ ولَم يُخَلِّفْ نَسْلاً. وكَذٰلكَ الثَّالث.
[22] ولَم يُخَلِّفِ السَّبعَةُ نَسْلاً. ثُمَّ ماتَتِ المَرأَةُ مِن بعدِهم جَميعًا.
[23] ففي القِيامَةِ حين يَقومون، لأَيٍّ مِنهم تكونُ ٱمرأَةً؟ فقَدِ اتَّخَذَها السَّبعَةُ ٱمرَأَة».
[24] فقالَ لَهم يسوع: «أَوَما أَنتُم في ضَلال، لأَنَّكم لا تَعرِفونَ الكُتُبَ ولا قُدرَةَ الله؟
[25] فَعِندَما يَقومُ النَّاسُ مِن بَينِ الأَموات، فلا الرِّجالُ يَتَزَوَّجونَ ولا النِّساءُ يُزَوَّجْنَ، بل يَكونونَ مِثلَ المَلائِكَةِ في السَّمٰوات.
[26] وأَمَّا أَنَّ الأَمواتَ يَقومون، أَفَما قرأتُم في كِتابِ مُوسى، عِندَ ذِكْرِ العُلَّيقَة، كيفَ كَلَّمَه اللهُ فقال: «أَنا إِلهُ إِبْراهيم وإِلهُ إِسْحق وإِلهُ يَعقوب».
[27] وما كانَ إِلهَ أَمْوات، بل إِلهُ أَحْياء. فأَنتُم في ضَلالٍ كَبير».
[28] ودَنا إِلَيه أَحدُ الكَتَبَة، وكانَ قد سَمِعَهم يُجادِلونَهُ، ورأَى أَنَّه أَحسَنَ الرَّدَّ علَيهم، فسأله: «ما الوَصِيَّةُ الأُولى في الوَصايا كُلِّها؟»
[29] فأَجابَ يسوع: «الوَصِيَّةُ الأُولى هيَ: «إِسمَعْ يا إِسرائيل: إِنَّ الرَّبَّ إِلٰهَنا هو الرَّبُّ الأَحَد.
[30] فأَحبِبِ الرَّبَّ إِلٰهَكَ بِكُلِّ قَلبِكَ وكُلِّ نَفْسِكَ وكُلِّ ذِهنِكَ وكُلِّ قُوَّتِكَ».
[31] والثَّانِيَةُ هي: «أَحبِبْ قريبَكَ حُبَّكَ لِنَفْسِكَ». ولا وَصِيَّةَ أُخرى أَكبرُ مِن هاتَيْن».
[32] فقالَ له الكاتب: «أَحسَنتَ يا مُعَلِّم، لقد أَصَبْتَ إِذ قُلتَ: إِنَّه الأَحَد ولَيسَ مِن دونِه آخَر،
[33] وأَن يُحِبَّه الإِنسانُ بِكُلِّ قلبِهِ وكُلِّ عَقلِه وكُلِّ قُوَّتِه، وأَن يُحِبَّ قَريبَه حُبَّه لِنَفْسِه، أَفضَلُ مِن كُلِّ مُحرَقَةٍ وذبيحَة».
[34] فلمَّا رأَى يسوعُ أَنَّه أَجابَ بِفِطنَة قالَ له: «لَستَ بَعيدًا مِن مَلَكوتِ الله». ولَم يَجرُؤْ أَحَدٌ بعدَئِذٍ أَن يَسأَلَه عن شَيء.
[35] وتَكلَّمَ يسوعُ وهو يُعَلِّمُ في الهَيكَلِ قال: «كَيفَ يقولُ الكَتَبَةُ إِنَّ المَسيحَ هو ٱبنُ داود؟
[36] وداودُ نَفْسُه قالَ بِوَحيٍ مِنَ الرُّوحِ القُدُس: «قالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: إِجلِسْ عن يَميني حتَّى أَجعَلَ أَعداءَكَ تَحتَ قَدَمَيك».
[37] فداودُ نَفْسُه يَدعوهُ رَبًّا، فكَيفَ يكونُ ٱبنَه؟» وكانَ مِنَ النَّاسِ جَمعٌ كثيرٌ يُصغي إِلَيه مَسْرورًا.
[38] وقالَ في تَعليمِه: «إِيَّاكُم والكَتَبَة، فإِنَّهم يُحِبُّونَ المَشْيَ بِالجُبَب، وتَلقِّيَ التَّحِيَّاتِ في السَّاحات،
[39] وصُدورَ المَجالِسِ في المَجامِع، والمَقاعِدَ الأُولى في المَآدِب.
[40] يأكُلونَ بُيوتَ الأَرامِل، وهم يُظهِرونَ أَنَّهُم يُطيلونَ الصَّلاة. هٰؤلاءِ سيَنالُهُمُ العِقابُ الأَشَدّ».
[41] وجلَسَ يسوعُ قُبالَةَ الخِزانَةِ يَنظُرُ كيفَ يُلْقي الجَمعُ في الخِزانَةِ نُقودًا مِن نُحاس. فأَلْقى كثيرٌ مِنَ الأَغنِياءِ شَيئًا كثيرًا.
[42] وجاءَت أَرمَلَةٌ فَقيرةٌ فأَلقَت عُشرَين، أَي فَلْسًا.
[43] فدَعا تَلاميذَه وقالَ لَهم: «الحَقَّ أَقولُ لَكُم إِنَّ هٰذِه الأَرمَلَةَ الفَقيرةَ أَلْقَت أَكثَرَ مِن جَميعِ الَّذينَ أَلقَوا في الخِزانَة،
[44] لأَنَّهم كُلَّهم أَلْقَوا مِنَ الفاضِلِ عن حاجاتِهم، وأَمَّا هي فإِنَّها مِن حاجَتِها أَلْقَت جَميعَ ما تَملِك، كُلَّ رِزقِها».