< إنجيل لوقا 11

Listen to this chapter • 6 min
[1] وكانَ يُصلِّي في بَعضِ الأَماكِن، فلَمَّا فَرَغَ قالَ لَه أَحَدُ تَلاميذِه: «يا ربّ، عَلِّمنا أَن نُصَلِّيَ كَما عَلَّمَ يوحنَّا تَلاميذَه»
[2] فقالَ لَهم: «إِذا صَلَّيتُم فَقولوا: أَيُّها الآب، لِيُقَدَّسِ ٱسمُكَ، لِيأتِ مَلَكوتُكَ.
[3] أُرزُقْنا خُبزَنا كَفافَ يَومِنا،
[4] وأَعْفِنا مِن خَطايانا، فإِنَّنا نُعْفي نَحنُ أَيضًا كُلَّ مَن لنا عليه، ولا تَترُكْنا نَتَعَرَّضُ لِلتَّجرِبَة».
[5] وقالَ لَهم: «مَن مِنكم يَكونُ لَه صَديقٌ فيَمْضي إِلَيه عِندَ نِصفِ اللَّيل، ويَقولُ له: يا أَخي، أَقرِضني ثَلاثَةَ أَرغِفَة،
[6] فقَد قَدِمَ عَلَيَّ صَديقٌ مِن سَفَر، ولَيسَ عِندي ما أُقَدِّمُ لَه،
[7] فيُجيبُ ذاك مِنَ الدَّاخِل: لا تُزعِجْني، فالبابُ مُقفَلٌ وأَولادي معي في الفِراش، فلا يُمكِنُني أَن أَقومَ فَأُعطِيَكَ.
[8] أَقولُ لَكم: وإِن لم يَقُمْ ويُعطِهِ لِكونِهِ صَديقَه، فإِنَّه يَنهَضُ لِلَجاجَتِه، ويُعطيهِ كُلَّ ما يَحتاجُ إِلَيه.
[9] «وإِنِّي أَقولُ لَكم: إِسأَلوا تُعطَوا، اطلُبوا تَجِدوا، اِقرَعوا يُفتَحْ لَكم.
[10] لأَنَّ كُلَّ مَن يَسأَلُ ينال، ومَن يَطلُبُ يَجِد، ومَن يَقرَعُ يُفتَحُ له.
[11] فأَيُّ أَبٍ مِنكُم إِذا سأَلَه ٱبنُه سَمَكَةً أَعطاهُ بَدَلَ السَّمَكَةِ حَيَّة؟
[12] أَو سَأَلَهُ بَيضَةً أَعطاهُ عَقرَبًا؟
[13] فإِذا كُنتُم أَنتُمُ الأَشرارَ تَعرِفونَ أَن تُعطوا العَطايا الصَّالِحَةَ لأَبنائِكم، فما أَولى أَباكُمُ السَّماوِيَّ بِأَن يَهَبَ الرُّوحَ القُدُسَ لِلَّذينَ يسأَلونَه».
[14] وكانَ يَطرُدُ شَيطانًا أَخرَس. فلَمَّا خَرَجَ الشَّيطان تَكَلَّمَ الأَخرَس فأُعجِبَ الجُموع.
[15] على أَنَّ أُناسًا مِنهم قالوا: «إِنَّه بِبَعلَ زَبولَ سَيِّدِ الشَّياطين يَطرُدُ الشَّياطين».
[16] وطَلَبَ مِنه آخَرونَ آيةً مِنَ السَّماءِ لِيُحرِجوه.
[17] فعَرَفَ قَصْدَهُم فقالَ لَهم: «كُلُّ مَملَكَةٍ تَنقَسِمُ على نَفْسِها تَخرَبُ وتَنهارُ بُيوتُها بَعضُها على بَعض.
[18] وإِذا ٱنقَسَمَ الشَّيطانُ أَيضًا على نَفْسِه فكَيفَ تَثبُتُ مَملَكَتُه؟ فإِنَّكم تَقولونَ إِنِّي بِبَعلَ زَبولَ أَطرُدُ الشَّياطين.
[19] فإِن كُنتُ أَنا بِبَعلَ زَبولَ أَطرُدُ الشَّياطين، فبِمَن يَطرُدُهُم أَبناؤكُم؟ لِذٰلِكَ هُمُ الَّذينَ سَيَحْكُمونَ علَيكم.
[20] وأَمَّا إِذا كُنتُ بِإِصبَعِ اللهِ أَطرُدُ الشَّياطين، فقَد وافاكُم مَلَكوتُ الله.
[21] إِذا كانَ القَوِيُّ المُتَسَلِّحُ يَحرُسُ دارَه، فإِنَّ أَموالَه في أَمان.
[22] ولٰكِن إِذا فاجَأَهُ مَن هُوَ أَقْوى مِنهُ وغَلَبَه، يَنتَزِعُ ما كانَ يَعتَمِدُ علَيه مِن سِلاح، ويُوَزِّعُ أَسْلابَه.
[23] «مَن لم يَكُنْ مَعي كانَ علَيَّ، ومَن لم يَجمَعْ مَعي كانَ مُبَدِّدًا.
[24] «إِنَّ الرُّوحَ النَّجِس، إِذا خَرَجَ مِنَ الإِنسان، هامَ في القِفارِ يَطلُبُ الرَّاحَةَ فلا يَجِدُها فيَقول: أَرجِعُ إِلى بَيتيَ الَّذي مِنهُ خَرَجْتُ.
[25] فيَأتي فَيَجِدُه مَكْنوسًا مُزَيَّنًا.
[26] فيَذْهَبُ ويَستَصحِبُ سَبعَةَ أَرواحٍ أَخبَثَ مِنه، فيَدخُلونَ ويُقيمونَ فيه، فتَكونَ حَالَةُ ذٰلكَ الإِنسانِ الأَخيرة أَسوأَ مِن حالَتِه الأُولى».
[27] وبَينما هو يَقولُ ذٰلك، إِذا ٱمرَأَةٌ رَفَعَت صَوتَها مِنَ الجَمعِ فقالَت لَه: «طوبى لِلبَطنِ الَّذي حَمَلَكَ، ولِلثَّدْيَيْنِ اللَّذَينِ رَضِعتَهما!»
[28] فقال: «بل طوبى لِمَن يَسمَعُ كَلِمَةَ اللهِ ويَحفَظُها!».
[29] وٱحتَشَدَتِ الجُموعُ فأَخَذَ يقول: «إِنَّ هٰذا الجِيلَ جيلٌ فاسِدٌ يَطلُبُ آية، ولَن يُعْطى سِوى آيةِ يُونان.
[30] فكما كانَ يونانُ آيةً لأَهلِ نِينَوى، فكذٰلِكَ يَكونُ ٱبنُ الإِنسانِ آيَةً لِهٰذا الجيل.
[31] مَلِكَةُ التَّيمَنِ تَقومُ يَومَ الدَّينونَةِ مَعَ رِجالِ هٰذا الجيلِ وتَحكُمُ علَيهِم، لأَنَّها جاءَت مِن أَقاصي الأَرضِ لِتَسمَعَ حِكمَةَ سُلَيمان، وهٰهُنا أَعظَمُ مِن سُلَيمان.
[32] رِجالُ نِينَوى يَقومونَ يَومَ الدَّينونَةِ مع هٰذا الجيلِ ويَحكُمونَ علَيه، لأَنَّهم تابوا بإِنذارِ يُونان، وهٰهُنا أَعظمُ مِن يُونان.
[33] «ما مِن أَحَدٍ يوقِدُ سِراجًا ويضَعُه في مَخْبَأ أَو تَحْتَ المِكْيال، بل على المَنارَة، لِيَستَضيءَ بِه الدَّاخِلون.
[34] سِراجُ جَسَدِكَ هُو عَينُكَ. فإِذا كانَت عَينُكَ سَليمة، كانَ جَسدُكَ كُلُّه نَيِّرًا. وأَمَّا إِذا كانَت مَريضة، فجَسَدُكَ كُلُّه يَكونُ مُظلِمًا.
[35] فٱنظُرْ هلِ النُّورُ الَّذي فيكَ هو ظَلام.
[36] فإِن كانَ جَسَدُكَ كُلُّه نَيِّرًا ولَيسَ فيهِ جانِبٌ مُظلِم، كانَ بِأَجمَعِهِ نَيِّرًا كَما لو أَنارَ لَكَ السِّراجُ بِضَوئِه».
[37] وبَينَما هو يَقولُ ذٰلك، دَعاه أَحَدُ الفِرِّيسيِّينَ إِلى الغَداءِ عِندَهُ. فدَخَلَ بَيتَه وجلَسَ لِلطَّعام.
[38] ورَأَى الفِرِّيسِيُّ ذٰلك فعَجِبَ مِن أَنَّه لَم يَغتَسِلْ أَوَّلاً قَبلَ الغَداء.
[39] فقالَ لَه الرَّبّ: «أَيُّها الفِرِّيسِيُّون، أَنتُمُ الآن تُطَهِّرونَ ظاهِرَ الكَأسِ والصَّحفَة، وباطِنُكم مُمتَلِئٌ نَهْبًا وخُبْثًا.
[40] أَيُّها الأَغبِياء، أَلَيسَ الَّذي صَنَعَ الظَّاهِرَ قد صَنَعَ الباطِنَ أَيضًا؟
[41] فتَصَدَّقوا بِما فيهِما، يَكُنْ كُلُّ شَيءٍ لكُم طاهِرًا.
[42] ولٰكِنِ الوَيلُ لَكم أَيُّها الفِرِّيسِيُّونَ، فإِنَّكم تُؤَدُّونَ عُشْرَ النَّعنَعِ والسَّذابِ وسائِرِ البُقول، وتُهمِلونَ العَدلَ ومحبَّةَ الله. فهٰذا ما كانَ يَجِبُ أَن تَعمَلوا بِه مِن دونِ أَن تُهمِلوا ذاك.
[43] الوَيلُ لَكم أَيُّها الفِرِّيسِيُّون، فإِنَّكم تُحِبُّونَ صَدرَ المَجلِسِ في المَجامِع وتَلَقِّيَ التَّحِيَّاتِ في السَّاحات.
[44] الوَيلُ لَكُم، أَنتُم أَشبَهُ بِالقُبورِ الَّتي لا عَلامَةَ علَيها، يَمْشي النَّاسُ علَيها وهُم لا يَعلَمون».
[45] فأَجابَه أَحَدُ عُلَماءِ الشَّريعَة: «يا مُعَلِّم، بِقَولِكَ هٰذا تَشتُمُنا نَحنُ أَيضًا».
[46] فقال: «الوَيلُ لَكُم أَنتُم أَيضًا يا عُلَماءَ الشَّريعَة، فإِنَّكم تُحَمِّلونَ النَّاسَ أَحمالاً ثَقيلة، وأَنتُم لا تَمَسُّونَ هٰذِهِ الأَحمالَ بإِحْدى أَصابِعِكم.
[47] الويلُ لَكُم، فإِنَّكُم تَبْنونَ قُبورَ الأَنبِياء، وآباؤكُم هُمُ الَّذينَ قَتَلوهم.
[48] فأَنتُم تَشهَدونَ على أَنَّكم تُوافِقونَ على أَعمالِ آبائِكُم: هُم قَتَلوهُم وأَنتُم تَبْنونَ قُبورَهم.
[49] «ولِذٰلِك قالَت حِكمَةُ الله: سأُرسِلُ إِليهِمِ الأَنبِياءَ والرُّسُل، وسيقتُلونَ مِنهُم ويَضطَهِدون،
[50] حتَّى يُطالَبَ هٰذا الجيلُ بِدَمِ جَميعِ الأَنبياءِ الَّذي سُفِكَ مُنذُ إِنشاءِ العالَم،
[51] مِن دَمِ هابيلَ إِلى دَمِ زَكَرِيَّا الَّذي هَلَكَ بَينَ المَذبَحِ والهَيكَل. أَقولُ لَكُم: أَجَل، إِنَّه سَيُطالَبُ بِه هٰذا الجيل.
[52] «الوَيلُ لَكُم يا عُلَماءَ الشَّريعَة، قَدِ ٱستَولَيتُم على مِفتاحِ المَعرِفة، فلم تَدخُلوا أَنتُم، والَّذينَ أَرادوا الدُّخولَ مَنَعتُموهم».
[53] فلمَّا خَرَجَ مِن هُناك، بَلَغَ حِقْدُ الكَتَبَةِ والفِرِّيسيِّينَ عَليهِ مَبلغًا شَديدًا، فجعَلوا يَستَدرِجونَه إِلى الكَلامِ على أُمورٍ كَثيرة،
[54] وهُم يَنصُبونَ المَكايِدَ لِيَصطادوا مِن فَمِهِ كَلِمَة.