< سفر القضاة 6

Listen to this chapter • 6 min
[1] وصَنَعَ بَنو إِسْرائيلَ الشَّرَّ في عَينَيِ الرَّبّ، فأَسلَمَهمُ الرَّبُّ إِلى أَيدي مِديَنَ سَبعَ سِنين.
[2] وقَوِيَت أَيدي مِديَنَ على إِسْرائيل، فٱتَّخَذَ بَنو إِسْرائيلَ لأَنفُسِهمِ الشُّقوقَ الَّتي في الجِبالِ والكُهوفَ والمَلاجِئَ بِسَبَبِ مِديَن.
[3] وكانَ، إِذا زَرَعَ إِسْرائيل، يَصعَدُ المِديَنِيُّونَ والعَمالِقَةُ وبَنو المَشرِق، ويَخرُجونَ علَيهم،
[4] ويُعَسكِرونَ علَيهم، ويُتلِفونَ غَلَّةَ الأَرْض، إِلى مَدْخَلِ غَزَّة، ولا يُبقونَ ميرَةً في إِسْرائيل، ولا غَنَمًا ولا بَقَرًا ولا حَميرًا،
[5] لأَنَّهم كانوا يَصعَدونَ بماشِيَتِهم وخِيامِهم، ويأتونَ في عَدَدِ الجَرادِ كَثرَةً، لا يُحصَونَ هم ولا جِمالُهم، ويأتونَ الأَرضَ ويُتلِفونَها.
[6] فٱفتَقَرَ إِسْرائيلُ جِدًّا بِسَبَبِ مِديَن، وصَرَخَ بَنو إِسْرائيلَ إِلى الرَّبّ.
[7] وكانَ، لَمَّا صَرَخَ بَنو إِسْرائيلَ إِلى الرَّبِّ بِسَبَبِ المِديَنِيِّين،
[8] أَنَّ الرَّبَّ أَرسَلَ إِلى بَني إِسْرائيلَ رَجُلًا نَبِيًّا، فقالَ لَهم: «هٰكذا يَقولُ الرَّبُّ، إِلٰهُ إِسْرائيل: إِنِّي قد أَصعَدتُكم مِن مِصْرَ، وأَخرَجتُكُم مِن دارِ العُبودِيَّة،
[9] وأَنقَذتُكم مِن يَدِ المِصرِيِّينَ ومن يَدِ جَميعِ ظالِميكم، وطَرَدتُهم مِن أَمامِكم وأَعطَيتُكم أَرضَهم،
[10] وقُلتُ لَكم: إِنِّي أَنا الرَّبُّ إِلٰهُكم، فلا تَخافوا آلِهَةَ الأَمورِيِّينَ الَّذينَ أَنتُم مُقيمونَ بِأَرضِهم، فلَم تَسمَعوا لِصَوتي».
[11] وجاءَ مَلاكُ الرَّبِّ وجَلَسَ تَحتَ البُطمَةِ الَّتي في عُفرَةَ الَّتي لِيُوآشَ الأَبيعَزَرِيّ، وكانَ جِدْعُونُ ٱبنُه يَدوسُ الحِنطَةَ في المَعصَرَة، لِتَهْريبِها مِن أَمامِ المِديَنِيِّين.
[12] فتَراءَى لَه مَلاكُ الرَّبِّ وقالَ لَه: «الرَّبُّ مَعَكَ، أَيُّها المحارِبُ الباسِل».
[13] فقالَ لَه جِدْعُون: «ناشَدتُكَ، يا سيِّدي، إِن كانَ الرَّبُّ مَعَنا، فلِماذا أَصابَنا هٰذا كُلُّه؟ وأَينَ جَميعُ مُعجِزاتِه الَّتي حَدَّثَنا بِها آباؤُنا، قائِلينَ لَنا: إِنّ الرَّبَّ أَصعَدَنا مِن أَرضِ مِصْر؟ والآنَ قد تَرَكَنا الرَّبُّ وجَعَلَنا في قَبضَةِ مِديَن».
[14] فٱلتَفَتَ إِلَيه الرَّبُّ وقال: «إِنطَلِقْ بِقُوَّتِكَ هٰذه وخَلِّصْ إِسْرائيلَ مِن قَبضَةِ مِديَن، أَفلَم أُرسِلْكَ؟»
[15] فقالَ لَه جِدْعُون: «ناشَدتُكَ يا سَيِّدي. بماذا أُخَلِّصُ إِسْرائيل؟ هٰذه عَشيرَتي أَضعَفُ عَشيرةٍ في منَسَّى، وأَنا الأَصغَرُ في بَيتِ أَبي».
[16] فقالَ لَه الرَّبّ: «أَنا أَكونُ مَعَكَ، وستَضرِبُ مِديَنَ كأَنَّه رَجُلٌ واحِد».
[17] فقالَ لَه: «إِن كُنتُ قد نِلتُ حُظوَةً في عَينَيكَ، فأَعطِني عَلامةً على أَنَّكَ أَنتَ الَّذي كَلَّمَني.
[18] لا تَبتَعِدْ مِن هٰهُنا، حتَّى آتِيَكَ وأُخرِجَ تَقدِمَتي وأَضَعَها أَمامَك». فقالَ لَه: «إِنِّي مُقيمٌ حتَّى تَعود».
[19] فدَخَلَ جِدْعُونُ وأَعَدَّ جَديًا مِنَ المَعِزِ وإِيفَةَ دَقيقٍ فَطيرًا، وجَعَلَ اللَحمَ في سَلَّة، ووَضَعَ مَرَقَ اللَّحْمِ في قِدرٍ، وخَرَجَ بِذٰلكَ إِلَيه تَحتَ البُطمَةِ وقَدَّمَه.
[20] فقالَ لَه مَلاكُ الله: «خُذِ اللَّحمَ والفَطير، وضَعْهما على هٰذه الصَّخرَة، وصُبَّ المَرَق». ففَعَلَ هٰكذا.
[21] فمَدَّ مَلاكُ الرَّبِّ طَرَفَ العَصا الَّتي بِيَدِه ومَسَّ اللَّحمَ والفَطير، فصَعِدَت نارٌ مِنَ الصَّخرَةِ وأَكَلَتِ اللَّحمَ والفَطير، وغابَ مَلاكُ الرَّبِّ عن عَينَيه.
[22] فعَلِمَ جِدْعُونُ أَنَّه مَلاكُ الرَّبّ. فقالَ جِدْعُون: «آهِ أَيُّها السَّيِّدُ الرَّبّ، إِنِّي رأَيتُ مَلاكَ الرَّبِّ وَجهًا لِوَجه».
[23] فقالَ لَه الرَّبّ: «السَّلامُ عَليكَ، لا تَخَفْ فإِنَّكَ لا تَموت».
[24] فبَنى جِدْعُونُ هُناكَ مَذبَحًا لِلرَّبّ، ودَعاه «الرَّبُّ سَلام»، وهو إِلى هٰذا اليَومِ لا يَزالُ في عُفرَةِ الأَبيعَزَرِيِّين.
[25] وكانَ في تِلكَ اللَّيلَةِ عَينِها أَنَّ الرَّبَّ قالَ لَه: «خُذْ ثَورَ أَبيكَ، الثَّورَ الَّذي أَتَت علَيه سَبعُ سِنين، وقَوِّضْ مَذبَحَ البَعْلِ الَّذي لأَبيكَ، وقَطِّعِ الوَتَدَ المُقَدَّسَ الَّذي بِقُربِه،
[26] وٱبنِ مَذبَحًا لِلرَّبِّ إِلٰهِكَ على رأسِ هٰذه القَلعَةِ على النِّظامِ المألوف، وخُذِ الثَّورَ الثَّانِيَ وأَصعِدْه مُحرَقَةً على حَطَبِ الوَتَدِ المُقَدَّسِ الَّذي تُقَطِّعُه».
[27] فأَخَذَ جِدْعُونُ عَشَرَةَ رِجالٍ من خَدَمِه، وفَعَلَ كما أَمَرَه الرَّبّ، وخافَ مِن بَيتِ أَبيه ومِن رِجالِ المَدينَةِ أَن يَعمَلَ ذٰلك نَهارًا، فعَمِلَه لَيلًا.
[28] وبَكَّرَ رِجالُ المَدينَةِ صَباحًا، فإِذا مَذبَحُ البَعلِ قد هُدِم، والوَتَدُ المُقَدَّسُ الَّذي كانَ بِقُربِه قد قُطِّع، وقَد أُصعِدَ الثَّورُ الثَّاني على المَذبَحِ المَبنِيّ.
[29] فقالَ بَعضُهم لِبَعْض: «مَن فَعَلَ هٰذا الأَمْر؟» وبَحَثوا وٱستَخبَروا فقالوا: «إِنَّ جِدْعُونَ بنَ يوآشَ هو الَّذي فَعَلَ هٰذا الأَمْر»
[30] فقالَ أَهلُ المَدينَةِ لِيُوآش: «أَخرِجِ ٱبنَكَ لِيُقتَل، لأَنَّه هَدَمَ مَذبَحَ البَعلِ وقَطَّعَ الوَتَدَ المُقَدَّسَ الَّذي بِقُربِه».
[31] فقالَ يوآشُ لِجَميعِ الواقِفينَ بِالقُرْبِ مِنه: «أَعلَيكم أَنتُم أَن تُدافِعوا عنِ البَعْل؟ أَعلَيكم أَنتُم أن تُخَلِّصوه؟ (مَن أَرادَ أَن يُدافِعَ عَنه فإِنَّه إِلى الصَّباحِ مَقْتول). إِن كانَ هو إِلٰهًا، فلْيُدافِعْ عن نَفْسِه مِمَّن هَدَمَ مَذبَحَه».
[32] ودُعِيَ جِدْعُونُ في ذٰلك اليَومِ يَرُبَّعْل، وقيلَ: «لِيَنتَقِمْ مِنه البَعْلُ، لأَنَّه هَدَمَ مَذبَحَه».
[33] وٱنضَمَّ جَميعُ مِديَنَ وعَماليقَ وبَني المَشرِقِ معًا، وعَبَروا الأُردُنّ، وعَسكَروا في سَهلِ يِزْرَعيل.
[34] وحَلَّ روحُ الرَّبِّ على جِدْعُون، فنَفَخَ في البوق، فخَرَجَ أَهلُ أَبيعَزَرَ وتَبِعوه.
[35] وأَرسَلَ رُسُلًا إِلى جَميعِ مَنَسَّى وٱستَدْعاهم لِيَتبَعوه. وأَرسَلَ رُسُلًا إِلى أَشيرَ وإِلى زَبولونَ وإِلى نَفْتالي، فصَعِدوا لِمُلاقاتِه.
[36] وقالَ جِدْعُونُ لله: «إِن كُنتَ مُخَلِّصَ بَني إِسْرائيلَ عن يدي، كما قُلتَ،
[37] فهاءَنَذا واضِعٌ جُزازَ صوفٍ في البَيدَر. فإِذا سَقَطَ النَّدى على الجُزازِ وَحدَه، وعلى سائِرِ الأَرضِ جَفاف، عَلِمتُ أَنَّكَ تُخلِّصُ إِسْرائيلَ عن يَدي، كما قُلتَ».
[38] فكانَ كذٰلك. وبَكَّرَ في الغَد، فعَصَرَ الجُزاز، فخَرَجَ مِنه مِنَ النَّدى مِلءُ كوبِ ماء.
[39] فقالَ جِدْعُونُ لله: «لا تَغضَبْ علَيَّ، فأَتكَلَّمَ ثانِيةً أَيضًا وأُجَرَّبَ مَرَّةً أُخْرى فَقَط بِالجُزاز: لِيَكُنْ على الجُزازِ وَحدَه جَفاف وعلى سائِرِ الأَرضِ نَدى».
[40] فصَنَعَ الرَّبُّ كذٰلك في تِلكَ اللَّيلَة، فكانَ على الجُزازِ وَحدَه جَفافٌ وعلى سائِرِ الأَرضِ نَدى.