< سفر التكوين 44

Listen to this chapter • 4 min
[1] ثُمَّ أَمَرَ يوسفُ قَيِّمَ بَيتِه وقالَ له: «اِملَأْ أَكْياسَ القَومِ طَعامًا قَدْرَ ما يَستَطيعونَ حَمْلَه وٱجعَلْ فِضَّةَ كُلِّ واحِدٍ في فَمِ كيسِه،
[2] وٱجعَلْ كأسي، كأسَ الفِضَّة، في فَمِ كيسِ الصَّغير، مع ثَمَنِ حَبِّه». فصَنَعَ بِحَسَبِ كَلامِ يوسفَ الَّذي قالَه لَه.
[3] فلَمَّا أَضاءَ الصُّبْح، صُرِفَ القَومُ مع حَميرِهم.
[4] فبَعدَ أَن خَرَجوا مِنَ المَدينَةِ ولَم يُبعِدوا، قالَ يوسفُ لِقَيِّمِ بَيتِه: «قُمْ فٱسْعَ في أَثَرِ القَوم، فإِذا أَدرَكتَهم فقُلْ لَهم: لِمَ كافَأتُمُ الخَيرَ بِالشرّ؟
[5] أَلَيست هٰذه هي الَّتي يَشرَبُ بِها سَيِّدي ويَتَكَهَّنُ بِها؟ قد أَسأْتُم في ما صَنَعتُم».
[6] فأَدرَكَهم وقالَ لَهم ذٰلك الكلام.
[7] فقالوا له: «لِماذا يَتَكَلَّمُ سَيِّدي بِمِثْلِ هٰذا الكلام؟ حاشَ لعَبيدِكَ أَن يَصنَعوا مِثْلَ هٰذا الأَمْر.
[8] فإِنَّ الفِضَّةَ الَّتي وَجَدْناها في أَفْواهِ أَكْياسِنا رَدَدْناها إِلَيكَ مِن أَرضِ كَنعان، فكَيفَ نَسرِقُ من بَيتِ سَيِّدِكَ فِضَّةً أَو ذَهَبًا؟
[9] مَن وُجِدَت معَه الكأسُ مِن عَبيدِكَ فَلْيَمُتْ، ونَحنُ أَيضًا نَكونُ لِسَيِّدي عَبيدًا».
[10] قال: «أَجل، وبِحَسَبِ قَولِكم فلْيَكُنْ: مَن وُجِدَت معه الكأس، يَكونُ لي عَبْدًا، وأَنتُم تَكونونَ بَراء».
[11] فأَسرَعوا وحَطَّ كُلُّ واحِدٍ كيسَه على الأَرض، وفَتَحَ كُلُّ واحِدٍ كيسَه.
[12] ففَتَّشَهم مُبتَدِئًا بِالأَكبَر، حَتَّى ٱنتَهى إِلى الأَصغَر، فوُجِدَتِ الكَأْسُ في كيسِ بَنْيامين.
[13] فمَزَّقوا ثِيابَهم وحَمَّلَ كُلُّ واحِدٍ حِمارَه ورَجَعوا إِلى المَدينة.
[14] ودَخَلَ يَهوذا وإِخوَتُه بَيتَ يوسف وهو لم يَزَلْ هُناك، وٱرتَمَوا أَمامَه إِلى الأَرض.
[15] فقالَ لَهم يوسف: «ما هٰذا الصَّنيعُ الَّذي صَنَعتُم؟ أَما عَلِمتُم أَنَّ رَجُلًا مِثْلي يَتَكَهَّن؟»
[16] فقالَ يهوذا: «ماذا نَقولُ لِسَيِّدي؟ بِماذا نَتَكَلَّمُ وبِماذا نَتَبَرَّأ؟ قد كَشَفَ الله ذَنْبَ عَبيدِك. ها نَحنُ عَبيدٌ لِسَيِّدي، نَحنُ ومَن وُجِدَتِ الكأْسُ في يَدِه».
[17] قالَ يوسف: «حاشَ لي أَن أَصنَعَ هٰذا! بَلِ الرَّجُلُ الَّذي وُجِدَتِ الكأسُ في يَدِه هو يَكونُ لي عَبْدًا، وأَمَّا أَنتُم فٱصعَدوا بِسَلامٍ إِلى أَبيكم».
[18] فتَقَدَّمَ إِلَيه يَهوذا وقال: «يا سَيِّدي، أَرْجو أَن يَقولَ عَبْدُكَ كَلِمَةً على مِسمَعِ سَيِّدي، ولا تَغْضَبْ على عَبدِكَ، فإِنَّكَ مِثلُ فِرعَون.
[19] كانَ سَيِّدي قد سَأَلَ عَبيدَه قائِلًا: هل لَكم أَبٌ أَو أَخ؟
[20] فقُلْنا لِسَيِّدي: لَنا أَبٌ شَيخ، ولَه ٱبنُ شَيخوخةٍ صَغير قد ماتَ أَخوه وبَقِيَ هو وَحدَه لأُمِّه، وأَبوه يُحِبُّه.
[21] فقُلْتَ لِعَبيدِكَ: إِنزِلوا بِه إِلَيَّ لأُلقِيَ نَظَري علَيه.
[22] فقُلْنا لِسَيِّدي: لا يَقدِرُ الفَتى أَن يَترُكَ أَباه، وإِن تَرَكَه يَموتُ أَبوه.
[23] فقُلتَ لِعَبيدِك: إِن لم يَنزِلْ أَخوكُم الصَّغيرُ مَعَكم فلا تَعودونَ تَرَونَ وَجْهي.
[24] فكانَ لَمَّا صَعِدْنا إِلى عَبْدِكَ أَبي، أَنَّنا أَخبَرْناه بِكَلامِ سَيِّدي.
[25] وقالَ أَبونا: إِرجِعوا فٱشْتَروا لَنا قَليلًا مِنَ الطَّعام.
[26] فقُلْنا: لا نَقدِرُ أَن نَنزِل. أَمَّا إِن كانَ أَخونا الصَّغيرُ مَعَنا فنَنزِل، لأَنَّنا لا نَقدِرُ أَن نَرى وَجهَ الرَّجُل، ما لم يَكُنْ أَخونا الصَّغيرُ معَنا.
[27] فقالَ لنا عَبدُكَ أَبي: أَنتُم تَعلَمونَ أَنَّ ٱمرَأَتي وَلَدَت لِيَ ٱبنَين،
[28] فخَرَجَ أَحَدُهُما مِن عِنْدي فقُلتُ: إِنَّه قَدِ ٱفتُرِسَ وإِلى الآنَ لم أَرَه.
[29] فإِن أَخَذتُم هٰذا أَيضًا مِن أَمامي فأَصابَه سُوءٌ، أَنزَلتُم شَيبَتي بِالشَّقاءِ إِلى مَثْوى الأَموات.
[30] والآن إِذا عُدتُ إِلى عَبدِكَ أَبي والفَتى لَيسَ معَنا، ونَفسُه مُتَعَلِّقةٌ بِنَفْسِه،
[31] فيَكونُ أَنَّه، عِندَما يَرى أَنَّ الفتى لَيسَ معَنا، يَموتُ ويُنزِلُ عَبيدُكَ شَيبَةَ عَبدِكَ أَبينا بِحَسرَةٍ إِلى مَثْوى الأَموات،
[32] لأَنَّ عَبدَكَ قد ضَمِنَ الفَتى لأَبي قائلًا: إِن لم أَعُدْ بِه إِلَيك، أَكونُ مُذنِبًا إِلى أَبي طولَ الزَّمان.
[33] فلْيَبْقَ عَبدُكَ الآنَ مَكانَ الفَتى عَبدًا لِسَيِّدي ويَصعَدِ الفَتى مع إِخوَتِه.
[34] فإِنِّي كَيفَ أَصعَدُ إِلى أَبي والفَتى لَيسَ معي؟ لا شاهَدتُ الشَّقاءَ الَّذي يَحِلُّ بِأَبي!».