< سفر التكوين 37

Listen to this chapter • 4 min
[1] وسَكَنَ يَعْقوبُ في الأَرضِ الَّتي نَزَلَ فيها أَبوه في أَرضِ كَنْعان.
[2] وهٰذه سيرةُ يَعْقوب: لَمَّا كانَ يوسفُ ٱبنَ سَبْعَ عَشرَةَ سَنَةً وكانَ يَرْعى الغَنَمَ مع إِخْوَته - وهو شابّ - مع بَني بِلْهَةَ وبَني زِلْفَة، اِمرَأَتَي أَبيه، أَخبَرَ يوسفُ أَباهم عنهُم خَبَرًا شَنيعًا.
[3] وكانَ إِسْرائيلُ يُحِبُّ يوسفَ على جَميعِ بَنيه لأَنَّه ٱبنُ شَيخوخَتِه، فصَنَعَ له قَميصًا مُوشًّى.
[4] ورأَى إِخوَتُه أَنَّ أَباه يُحِبُّه على جَميعِ إِخْوَتِه، فأَبغَضوه ولم يَستَطيعوا أَن يُكَلِّموه بِمَوَدَّة.
[5] ورأَى يوسفُ حُلْمًا فأَخبَرَ بِه إِخْوَتَه، فٱزدادوا بُغْضًا لَه.
[6] قال لهم: «اِسمَعوا هٰذا الحُلْمَ الَّذي رَأَيتُه:
[7] رَأَيتُ كأَنَّنا نَحزِمُ حُزَمًا في الحَقْل، فإِذا حُزْمَتي وَقَفَت ثُمَّ ٱنتَصَبَت فأَحاطَت حُزَمُكم بِحُزْمَتي وسَجَدَت لَها».
[8] فقالَ لَه إِخْوَتُه: «أَتُراكَ تملِكُ علَينا أَو تَتَسَلَّطُ علَينا؟» وٱزدادوا أَيضًا بُغْضًا لَه بِسَبَبِ أَحْلامِه وأَقْوالِه.
[9] ورأَى أَيضًا حُلْمًا آخَر، فقَصَّه على إِخوَتِه وقال: «رَأَيتُ حُلْمًا أَيضًا كأَنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ وأَحَدَ عَشَرَ كَوكَبًا ساجِدةٌ لي».
[10] ولَمَّا قَصَّه على أَبيه وإِخوَتِه، وَبَّخَه أَبوه وقالَ لَه: «ما هٰذا الحُلْمُ الَّذي رَأَيتَه؟ أَتُرانا نأتي أَنا وأُمُّكَ وإِخوَتُكَ فنَسجُدُ لَكَ إِلى الأَرض؟»
[11] فحَسَدَه إِخْوَتُه، وأَمَّا أَبوه فكانَ يَحفَظُ هٰذا الأَمْر.
[12] ومَضى إِخوَتُه لِيَرعَوا غَنَمَ أَبيهم عِندَ شَكيم.
[13] فقالَ إِسْرائيلُ لِيوسُف: «أَلا يَرْعى إِخوَتُكَ عِندَ شَكيم؟ هَلُمَّ أُرسِلُكَ إِلَيهم». قالَ لَه: «هاءَنذا».
[14] فقالَ له: «اِمْضِ فٱفتَقِدْ سَلامةَ إِخوَتِكَ وسَلامةَ الغَنَم، وٱئتِني بالخَبَر». وأَرسَلَه مِن وادي حَبْرون، فأَتى يوسفُ شَكيم.
[15] فصادَفَه رَجُلٌ وهو تائِهٌ في الحَقْل، فسأَلَه الرَّجُلُ قائلًا: «عمَّا تَبحَث؟»
[16] قال: «أَبْحَثُ عن إِخوَتي، أَخبِرْني أَينَ يَرعَون».
[17] فقالَ الرَّجُل: «قد رَحَلوا مِن هٰهُنا، وقد سَمِعتُهم يَقولون: نَمْضي إلى دوتائين». فمَضى يوسفُ في إِثْرِ إِخوَتِه فَوجَدَهم في دوتائين.
[18] فلَمَّا رأَوه عن بُعْدٍ قَبلَ أَن يَقتَرِبَ مِنْهم، تآمَروا علَيه لِيُميتوه.
[19] قالَ بَعضُهم لِبَعْض: «ها هُوَذا صاحِبُ الأَحْلامِ مُقبِل.
[20] والآن تَعالَوا نَقتُلُه ونَطرَحُه في إِحْدى الآبار ونقولُ إِنَّ وَحْشًا ٱفتَرَسَه، ونَرى ما يَكونُ مِن أَحْلامِه».
[21] فسَمِعَ رَأُوبين، فخَلَّصَه من أَيْديهم قائلًا: «لا نَقتُلْ نَفْسًا».
[22] وقالَ لَهم رأُوبين: «لا تَسفِكوا دَمًا، اِطْرَحوه في هٰذه البِئرِ الَّتي في الحَقْل ولا تُلْقوا أَيدِيَكم علَيه»، ومُرادُه أَن يُخَلِّصَه مِن أَيديهِم ويَرُدَّه إِلى أَبيه.
[23] فلَمَّا وَصَلَ يوسفُ إِلى إِخوَتِه، نَزَعوا عنه قَميصَه، القَميصَ المُوَشَّى الَّذي علَيه.
[24] وأَخَذوه وطَرَحوه في البِئر، وكانَتِ البِئرُ فارِغَةً لا ماءَ فيها.
[25] ثُمَّ جَلَسوا يَأكُلون. ورَفَعوا عُيونَهم ونَظَروا، فإِذا بِقافِلَةٍ مِنَ الإِسْماعِيلِّينَ مُقبِلَةٌ مِن جِلْعاد، وجِمالُهم مُحَمَّلَةٌ صَمْغَ قَتادٍ وبَلَسانًا ولاذَنًا، وهم سائِرونَ لِيَنزِلوا بِها إِلى مِصْر.
[26] فقالَ يَهوذا لِإخوَتِه: «ما الفائِدَةُ مِن أَن نَقْتُلَ أَخانا ونُخفِيَ دَمَه؟
[27] تَعالَوا نَبيعُه لِلإسْماعيلِيِّين، ولا تَكُنْ أَيدينا علَيه لأَنَّه أَخونا ولَحمُنا». فسَمِعَ لَه إِخوَتُه.
[28] فمَرَّ قَومٌ مِديَنِيُّونَ تُجَّار فٱنتَشَلوا يوسفَ وأَصعَدوه مِنَ البِئر وباعوه لِلإسْماعِيلِيِّينَ بِعِشْرينَ مِنَ الفِضَّة، فأَتَوا بِيُوسفَ إِلى مِصْر.
[29] ورَجَعَ رأُوبينُ إِلى البِئْر فإِذا يوسفُ لَيسَ في البِئرِ فمَزَّقَ ثِيابَه.
[30] ورَجَعَ إِلى إِخوَتِه وقال: «الوَلَدُ لَيسَ مَوجودًا، وأَنا إِلى أَينَ أَمْضي؟».
[31] فأَخَذوا قَميصَ يوسُف وذَبَحوا تَيسًا مِنَ المَعِزِ وغَمَسوا القَميصَ في الدَم.
[32] وبَعَثوا بالقَميصِ المُوَشَّى وأَوصَلوه إِلى أَبيهِمِ وقالوا: «وَجَدْنا هٰذا. أُنظُرْ: أَقَميصُ ٱبنِكَ هو أَم لا؟».
[33] فَنَظَرَ إِلَيه وقال: «هو قَميصُ ٱبْني. وَحشٌ ضارٍ أَكَلَه. اِفْتُرِسَ يوسفُ ٱفتِراسًا».
[34] ومَزَّقَ يَعْقوبُ ثِيابَه وشَدَّ مِسْحًا على حَقْوَيَه وحَزِنَ على ٱبنِه أَيَّامًا كَثيرة.
[35] وقامَ جَميعُ بَنيه وجَميعُ بَناتِه يُعَزُّونَه، فأَبى أَن يَتَعَزَّى وقال: «إِنِّي أَنزِلُ حَزينًا إِلى ٱبني، إِلى مَثْوى الأَموات»، وبَكى عَلَيه أَبوه.
[36] وباعَه المِديَنِيُّونَ في مِصْرَ لِفوطيفار، خَصِيِّ فِرْعَونَ ورَئيسِ الحَرَس.