< سفر التكوين 27

Listen to this chapter • 5 min
[1] وحَدَثَ، لَمَّا شاخَ إِسحٰقُ وكَلَّت عَيناه عنِ النَّظَر، أَنَّه دَعا عِيسو ٱبنَه الأكبَرَ وقالَ له: «يا بُنَيَّ». قالَ: «هاءَنَذا».
[2] فقال: «هاءَنَذا قد شِخْتُ ولا أَعْلَمُ يَومَ مَوتي.
[3] والآن خُذْ عُدَّتَكَ وجَعبَتَكَ وقَوسَكَ، وٱخرُجْ إِلى الحَقْل وصِدْ لي صَيدًا،
[4] وأَعدِدْ لي أَلْوانًا طَيِّبةً كَما أُحِبّ، وٱئتِني بِه فآكُل، لِكَي تُبارِكَكَ نَفْسي قَبلَ أَن أَموت».
[5] وكانَت رِفقَةُ سامِعةً حينَ كَلَّمَ إِسحٰقُ عِيسو ٱبنَه. فمَضى عِيسو إِلى الحَقْلِ لِيَصيدَ صَيدًا ويَأتِيَ به.
[6] فكَلَّمَت رِفقَةُ يَعقوبَ ٱبنَها قائلَةً: «إِنِّي قد سَمِعتُ أَباكَ يُكَلِّمُ عِيسوَ أَخاكَ قائلًا:
[7] إِئتِني بِصَيدٍ وأَعدِدْ لي أَلْوانًا طَيِّبَةً فآكُلَ مِنها وأُبارِكَكَ أَمامَ الرَّبِّ قَبلَ مَوتي.
[8] والآنَ يا بُنَيَّ، اِسمَعْ لِقَولي في ما آمُرُكَ بِه:
[9] اِمْضِ إِلى الغَنَم وخُذْ لي مِن هُناكَ جَديَينِ مِنَ المَعِزِ جَيِّدَين، فأُعِدَّهُما أَلْوانًا طَيِّبَةً لأَبيكَ كما يُحِبّ،
[10] فتَأتي بِها أَباكَ ويأكُل، لِكَي يُبارِكَكَ قَبلَ مَوتِه».
[11] فقالَ يَعْقوبُ لِرِفقَةَ أُمِّه: «عِيسو أَخي رَجُلٌ أَشعَرَ وأَنا رَجُلٌ أَملَس.
[12] فلَعَلَّ أَبي يَجُسُّني فأَكونَ في عَينَيه كالسَّاخِرِ مِنه، وأَجلُبَ على نَفْسي لَعنَةً لا بَركَة».
[13] قالَت لَه أُمُّه: «عَلَيَّ لَعنَتُكَ يا بُنَيَّ، إِنَّما ٱسمَعْ لِقَولي وٱمضِ وخُذْ لي ذٰلك».
[14] فمَضى وأَخَذَ ذٰلك وأَتى بِه أُمَّه فأَعَدَّته أُمُّه أَلْوانًا طَيِّبةً، على ما يُحِبُّ أَبوه.
[15] وأَخَذَت رِفقَةُ ثِيابَ عِيسوَ ٱبنِها الأكبَرِ الفاخِرَةَ الَّتي عِندَها في البَيت فأَلبَسَتْها يَعْقوبَ ٱبنَها الأَصغَر،
[16] وكَسَت يَدَيه ومَلاسةَ عُنُقِه بِجِلْدِ المَعِز،
[17] وأَعْطَت يَعقوبَ ٱبنَها ما صَنَعَته مِنَ الأَلْوانِ الطَيِّبَةِ والخُبْز.
[18] فَدَخَلَ على أَبيه وقال: «يا أَبتِ». قال: «لَبَّيكَ، مَن أَنتَ يا بُنَيَّ؟».
[19] فقالَ يَعْقوبُ لأَبيه: «أَنا عِيسو بِكرُكَ قد صَنَعتُ كَما أَمَرتَني. قُمْ فٱجْلِسْ وكُلْ مِن صَيدي، لِكَي تُبارِكَني نَفْسُكَ».
[20] فقالَ إِسحٰقُ لٱبْنِه: «ما أَسرَعَ ما أَصَبتَ، يا بُنَيَّ». قال: «إِنَّ الرَّبَّ إلٰهَكَ قد يَسَّرَ لي».
[21] فقالَ إِسحٰقُ لَيَعْقوب: «تَقَدَّمْ حَتَّى أَجُسَّكَ يا بُنَيَّ، لأَعْلَمَ هل أَنتَ ٱبْني عِيسو أَم لا».
[22] فتَقَدَّمَ يَعْقوبُ إِلى إِسْحَقَ أَبيه، فجَسَّه وقال: «الصَّوتُ صَوتُ يَعْقوب، ولٰكِنَّ اليَدَيْنِ يَدا عيسو».
[23] ولَم يَعْرِفْه، لأَنَّ يَدَيه كانَتَا مُشعِرَتَينِ كَيَدَي عِيسوَ أَخيه، فبارَكَه.
[24] وقال: «هل أَنتَ ٱبْني عِيسو؟» قال: «أَنا هو».
[25] فقال: قَدِّمْ لي حتَّى آكُلَ مِن صَيدِ ٱبْني، لِكَي تُبارِكَكَ نَفْسي». فقَدَّمَ لَه فأَكَل، وأَتاه بِخَمرٍ فشَرِب.
[26] ثُمَّ قالَ له إِسحٰقُ أبوه: «تَقَدَّمْ قَبِّلْني يا بُنَيَّ».
[27] فتَقَدَّمَ وقَبَّلَه، فاشتمَّ رائِحَةَ ثِيابِه وبارَكَه وقال: «ها هيَ ذِه رائِحَةُ ٱبْني كرائِحَةِ حَقْلٍ قد بارَكَه الرَّبّ.
[28] يعطيكَ اللهُ مِن نَدى السَّماءِ ومِن دَسَمِ الأَرض ويُكَثِّرُ لَكَ الحِنطَةَ والنَّبيذ
[29] وتَخدُمُكَ الشُّعوبُ وتَسجُدُ لَكَ الأُمَم. سَيِّدًا تَكونُ لِإخوَتِكَ ولَكَ بَنو أُمِّكَ يَسجُدون. لاعِنُكَ مَلْعونٌ ومُبارِكُكَ مُبارَك».
[30] فلَمَّا ٱنتَهى إِسحٰقُ مِن بَرَكَتِه لِيَعْقوب وخَرَجَ يَعْقوبُ مِن أَمامِ إِسحٰقَ أَبيه، إِذا عِيسو أَخوه قد أَقْبَلَ مِن صَيدِه.
[31] فأَعَدَّ هو أَيضًا أَلْوانًا طَيِّبَةً وأَتى بِها أَباه وقالَ لأَبيه: «لِيَقُمْ أَبي ويأكُلْ مِن صَيْدِ ٱبْنِه، لِكَي تُبارِكَني نَفْسُكَ»،
[32] فقالَ لَه إِسحٰقُ أَبوه: «مَن أَنتَ؟» قال: «أَنا ٱبنُكَ بِكْرُكَ عِيسو».
[33] فٱرتَعَشَ إِسحٰقُ ٱرتِعاشًا شَديدًا جِدًّا وقال: «فمَن إِذًا ذاكَ الَّذي صادَ صَيدًا فأَتاني بِه؟ فقَد أَكلتُ مِن كُلِّه، قَبلَ أَن تَجيءَ، وبارَكتُه، نَعَم! مُبارَكًا يَكون».
[34] فلَمَّا سَمِعَ عيسو كَلامَ أَبيه، صَرَخَ صَرخةً عَظيمةً ومُرَّةً جِدًّا، وقالَ لأَبيه: «بارِكْني أَنا أَيضًا يا أَبَتِ».
[35] فقال: «وقد جاءَ أَخوكَ بمَكْرٍ وأَخَذَ بَرَكَتَكَ».
[36] فقال: «أَلأَنَّه سُمِّيَ يَعْقوبَ قد تَعَقَّبَني مَرَّتَين: أَخَذَ بِكرِيَّتي، وهاهَوذا الآنَ أَخَذَ بَركَتي». ثُمَّ قال: «أَما أَبقَيتَ لي بَركَةً؟».
[37] فأَجابَ إِسحٰقُ وقالَ لِعيسو: «هاءَنَذَا قد جَعَلتُه سَيِّدًا لَكَ ووَهَبتُ لَه جَميعَ إِخوَتِه خَدَمًا، وبالحِنطَةِ والنَّبيذِ أَمدَدتُه، فماذا أَصنَعُ لَكَ يا بُنَيَّ؟»
[38] فقالَ عِيسو لأَبيه: «أَبَرَكَةٌ واحِدَةٌ لَكَ يا أَبَتِ؟ بارِكْني أَنا أَيضًا يا أَبَتِ». وبَقِيَ إِسحٰقُ صامِتًا، ورَفَعَ عِيسو صَوتَه وبَكى.
[39] فأَجابَه إِسحٰقُ أَبوه وقالَ له: «بِمَعزِلٍ عن دَسَمِ الأَرضِ يَكونُ مَسكِنُكَ وعن طَلِّ السَّماءِ الَّذي مِن عَلُ.
[40] بِسَيفِكَ تَعيش وأَخاكَ تَخدُم، ويَكونُ أَنَّكَ، إِذا قَوِيتَ، تَكسِرُ نِيرَه عن عُنُقِكَ.
[41] وحَقَدَ عِيسو على يَعْقوبَ بِسَبَبِ البَركَةِ الَّتي بارَكَه أَبوه بِها، وقال عِيسو في قَلبِه: «قد قَرُبَت أَيَّامُ حُزْنِ أَبي فأَقتُلُ يَعْقوبَ أَخي».
[42] فأُخبِرَت رِفقَةُ بِكَلامِ عِيسوَ ٱبنِها الأَكبَر، فبَعَثَت وٱستَدعَت يَعْقوبَ ٱبنَها الأَصغَر، وقالَت له: «هُوَذا عيسو أَخوكَ مُنتَقِمٌ مِنكَ بالقَتْل.
[43] والآنَ، يا بُنَيَّ، اِسْمَعْ لِقَولي: قُمْ فٱهرُبْ إِلى لابانَ أَخي في حاران،
[44] وأَقِمْ عِندَه أَيَّامًا قَلائِل، حتَّى يَتَحَوَّلَ عنكَ غَيظُ أَخيك.
[45] فإِذا تَحَوَّلَ غَضَبُ أَخيكَ عنكَ ونَسِيَ ما فَعَلتَ بِه، بَعَثتُ فأَخَذتُكَ مِن هُناكَ، فلِماذا أُصبِحُ ثَكْلى مَرَّتَينِ في يَومٍ واحِد؟».
[46] وقالَت رِفقةُ لِإسحٰق: «قد سَئِمتُ حَياتي بِسَبَبِ بَناتِ حِثّ. فإِن تَزَوَّجَ يَعْقوبُ بِٱمرَأَةٍ مِن بَناتِ حِثٍّ مِثْلِ هٰؤُلاء، مِن بَناتِ البَلَد، فما لي والْحَياة؟».