< سفر الملوك الثاني 6

Listen to this chapter • 5 min
[1] وقالَ بَنو الأَنبِياءِ لأَليشاع: «إِنَّ هٰذا المَكانَ الَّذي نَحنُ مُقيمونَ فيه بِحَضرَتِكَ قد ضاقَ بِنا.
[2] فلْنَذهَبْ إِلى الأُردُنّ ويَأخُذْ كُلُّ رَجُلٍ خَشَبَةً مِن هُناكَ، ونَصنَعْ لَنا هُناكَ مَكانًا لإقامَتِنا». فقال: «إِذهَبوا».
[3] فقالَ أَحَدُهم: «تَفَضَّلْ بِالذَّهابِ مع عَبيدِكَ». فقال: «أَذهَب».
[4] ومَضى معَهم، فوَصَلوا إِلى الأُردُنِّ وقَطَعوا الخَشَب.
[5] وفيما أَحَدُهم يَقطَعُ خَشَبَةً، سَقَطَ الحَديدُ في الماء. فصاحَ وقال: «آهِ يا سَيِّدي، إِنَّما هو مُسْتَعار».
[6] فقالَ رَجُلُ الله: «أَينَ سَقَط؟» فأَراه المَكان. فقَطَعَ عودًا ورَماه هُناك، فعَوَّمَ الحَديد.
[7] فقالَ لَه: «خُذْه إِلَيكَ». فمَدَّ يَدَه وأَخَذَه.
[8] وكانَ مَلِكُ أَرامَ يُحارِبُ إِسْرائيل، فتَشاوَرَ مع ضُبَّاطِه قائِلًا: «يَكونُ مُعَسكَري في مَكانِ كذا».
[9] لٰكِنَّ رَجُلَ الله كانَ يُرسِلُ إِلى مَلِكِ إِسْرائيلَ يَقول: «إِحتَفِظْ مِن أن تَمُرَّ بِهٰذا المَكان، فإِنَّ الأَرامِيِّينَ نازِلونَ هُناك».
[10] فأَرسَلَ مَلِكُ إِسْرائيلَ إِلى المَكانِ الَّذي قالَ لَه عنه رَجُلُ اللهِ وحَذَّرَه مِنه، وتَحَفَّظَ هُناكَ لا مَرَّةً ولا مَرَّتَين.
[11] فٱضطَرَبَ قَلبُ مَلِكِ أَرامَ مِن هٰذا الأَمْر، ودَعا ضُبَّاطَه وقالَ لَهم: «أَلا تُخبِرونَني مَن مِنَّا مع مَلِكِ إِسْرائيل؟»
[12] فقالَ أَحَدُ ضُبَّاطِه: «كَلاَّ، يا سَيِّدي المَلِك، إِنَّما أَليشاعُ النَّبِيُّ الَّذي في إِسْرائيلَ هو يُخبِرُ مَلِكَ إِسْرائيلَ بِما تَتَكَلَّمُ بِه في غُرفَةِ نَومِكَ».
[13] فقال: «أُمْضوا وٱنظُروا أَينَ هو، حتَّى أُرِسلَ وآخُذَه». فأُخبِرَ وقيل لَه: «هُوَذا في دوتان».
[14] فأَرسَلَ إِلى هُناكَ خَيلًا ومَركَباتٍ وجَيشًا كَثيرًا. فجاؤُوا لَيلًا وأَحاطوا بالمَدينَة.
[15] وبَكَّرَ خادِمُ رَجُلِ اللهِ وخَرَجَ، فإِذا جَيشٌ مُحيطٌ بِالمَدينَةِ وخَيلٌ ومَركَبات، فقالَ لَه خادِمُه: «آهِ يا سَيِّدي، ماذا نَصنَع؟»
[16] فقال: «لا تَخَفْ، فإِنَّ الَّذينَ مَعنا أَكثَرُ مِنَ الَّذينَ معَهم».
[17] وصلَّى أَليشاعُ وقال: «يا رَبّ، إِكشِفْ عن عَينَيه لِيَرى». فكَشَفَ الرَّبُّ عن عَينَيِ الخادِمِ فرَأَى، فإِذا الجَبَلُ مَمْلوءٌ خَيلًا ومَركَباتِ نارٍ حَولَ أَليشاع.
[18] ولَمَّا نَزَلَ الأَرامِيُّونَ إِلَيه، صَلَّى أَليشاعُ إِلى الرَّبِّ وقال: «إِضرِبْ هٰؤُلاءِ القَومَ بِالعَمى». فضَرَبَهم بِالعَمى، كما قالَ أَليشاع.
[19] فقالَ لَهم أَليشاع: «لَيسَت هٰذه هي الطَّريقُ ولا هٰذه هي المَدينة. تَعالَوا وَرائي فأَسيرُ بِكم إِلى الرَّجُلِ الَّذي تَطلُبونَه». فسارَ بِهم إِلى السَّامِرَة.
[20] فلَمَّا دَخَلوا السَّامِرَة، قالَ أَليشاع: «إِفتَحْ، يا رَبِّ، عُيونَ هٰؤُلاءِ لِيُبصِروا». ففَتَحَ الرَّبُّ عُيونَهم فأَبصَروا، فإِذا هم في وَسَطِ السَّامِرة.
[21] فقالَ مَلِكُ إِسْرائيلَ لأَليشاعَ حينَ رآهم: «هَل أَضرِبُ، يا أَبتِ، هل أَضرِب؟»
[22] فقال: «لا تَضرِبْ. أَلَعَلَّكَ تَضرِبُ الَّذينَ أَسَرتَهم بِسَيفِكَ وقَوسِك؟ ضَعْ أَمامَهم خُبْزًا وماءً لِيَأكُلوا ويَشرَبوا، ثُمَّ يَنصَرِفونَ إِلى سَيِّدِهم».
[23] فأَعَدَّ لَهم مَأدُبَةً عَظيمة، فأَكَلوا وشَرِبوا. ثُمَّ أَطلَقَهم، فمَضَوا إِلى سَيِّدِهم، ولم يَعُدْ غُزاةُ أَرامَ يَأتونَ إِلى أَرضِ إِسْرائيل.
[24] وكانَ بَعدَ ذٰلك أَن جَمَعَ بَنهَدَد، مَلِكُ أَرام، كُلَّ جَيشِه وصَعِدَ وحاصَرَ السَّامِرَة.
[25] فكانَت في السَّامِرَةِ مَجاعةٌ شَديدةٌ وهم مُحاصِرونَ لَها، حتَّى صارَ رَأسُ الحِمارِ بِثَمانينَ مِنَ الفِضَّة، ورُبعُ قَبٍّ مِنَ الحِمِّصِ بِخَمسَةٍ مِنَ الفِضَّة.
[26] وبَينَما كانَ مَلِكُ إِسْرائيلَ عابِرًا على السُّور، إِذا بِٱمرَأَةٍ صَرَخَت إِلَيه تقول: «خَلِّصْ، يا سَيِّدي المَلِك».
[27] فقالَ لَها: «إِنَّ الرَّبَّ لم يُخَلِّصْكِ، فمِن أَينَ أُخَلِّصُكِ أَنا؟ أَمِنَ البَيدَرِ أَم مِنَ المَعصَرة؟»
[28] ثُمَّ قالَ لَها المَلِك: «ما شَأنُكِ؟» فقالَت: «إِنَّ هٰذه المَرأَةَ قالَت لي: هاتي ٱبنَكِ لِنَأكُلَه اليَومَ، وغَدًا نَأكُلُ ٱبْني.
[29] فطَبَخْنا ٱبْني وأَكَلْناه. وقُلتُ لَها في اليَومِ الثَّاني: هاتي ٱبنَكِ لِنَأكُلَه، فأَخفَتِ ٱبنَها».
[30] فلَمَّا سَمِعَ المَلِكُ كَلامَ المَرأَة، مَزَّقَ ثِيابَه وهو عابِرٌ على السُّور، فنَظَرَ الشَّعبُ فإِذا على بَدَنِه مِسحٌ مِن تَحتِ ثِيابِه.
[31] وقال: «كَذا يَصنَعُ اللهُ بي وكذا يَزيد، إِن بَقِيَ رَأسُ أَليشاعَ بنِ شافاطَ علَيه اليَوم».
[32] وكانَ أَليشاعُ جالِسًا في بَيتِه والشُّيوخُ جالِسونَ معَه، فأَرسَلَ المَلِكُ رَجُلًا مِمَّن معه. فقَبلَ أَن يَصِلَ الرَّسولُ إِلَيه، قالَ لِلشُّيوخ: «أَرأَيتُم كَيفَ أَرسَلَ ٱبنُ القَتَّالِ هٰذا لِقَطعِ رَأسي؟ فإِذا دَخَلَ الرَّسول، فأَغلِقوا البابَ وٱدفَعوه بِالباب. أَلَيسَ صَوتُ رِجلَي سَيِّده وَراءَه؟»
[33] وبَينَما هو يَتَكَلَّم، إِذا بِالمَلِكِ نازِلٌ إِلَيه وقائل: «ها إِنَّ هٰذا الشَّرَّ مِن قِبَلِ الرَّبّ، فماذا أَنتَظِرُ مِنَ الرَّبِّ بَعدَ ذٰلك؟».